See article in English – click here
هذا الأحد هو الأحد الثاني عشر من لوقا والقراءة الإنجيلية عن حادثة شفاء البُرص العشرة من إنجيل (لوقا 17: 12- 19).
فيما كان الربّ يسوع في طريقه إلى أورشليم (إلى آلآمه) اجتاز في قرية حيث استقبله عشرة رجالٍ بُرصٍ، أي مصابين بداء البَرَصْ. لقد كان البَرَصُ مرضاً جلدياً خطيراً ومُعدياً. ومن النظرة الدينية كان يُعتبر الشخص المصاب بالبرص”نَجِساً” بحسب الشريعة فكان يُعزَل عزلاً مزدوجاً اجتماعياً ودينياً. اذاً لا يجوز للمُصاب بالبَرص الإختلاط بالآخرين كما لا يجوز له زيارة الهيكل للصلاة وممارسة الشعائر الدينية لهذا السبب كان مريض البَرَص يُعاني جسدياً ونفسياً وروحياً.
لقد كان المرض بحدّ ذاته مؤلماً جداً، كما كان المريض يَشعر بالدونيَّة والإزدراء كونه كان يُمنع عليه مخالطة الآخرين وكان يتوجب عليه أن يُحذِّرهم من الإقتراب إليه من خلال ترديد عبارة ” نَجِسٌ، نَجِسٌ ” لقد كان هذا المرض يُعتبر بالذهنية الدينية اليهودية قصاصاً من الله، لذا كان يُنظر إلى الأبرص على أنه رجل خاطئ ابتُلي بالمرض بسبب معاصيه وخطاياه.
هؤلاء البُرص العشرة الذين التقاهم الربّ يسوع، تسعة منهم كانوا يهوداً وواحداً سامرياً. لقد كان هناك خلافاً دينياً وعقائدياً بين اليهود والسامريين لذلك يقول الكتاب:” كان اليهود لا يُخالطون السامريين ” (يو 4: 9) إذ كان اليهود يعتبرون السامريين أنجاساً. ولكن في هذه المجموعة عاش اليهود مع هذا السامري، لقد وحدّهم الألم وقرّب فيما بينهم فتركوا خلافاتهم العقائدية والدينية جانباً واجتمعوا في مجموعة واحدة منبوذة حتى يُعزّوا بعضهم بعضاً.
يقول الإنجيلي لوقا ” لقد وقفوا من بعيد ” كما تأمرهم الشريعة ورفعوا صوتهم بابتهال إلى المسيح قائلين: ” يا يسوع المعلِّم ارحمنا “. لقد انتظروا رحمة من السيّد كانوا قد افتقدوها من بني جنسهم ومن المجتمع الذي كانوا يعيشون فيه.
لقد أمرهم يسوع قائلاً: ” امضوا وأروا الكهنة أنفسكم ” حتى يحكموا بطهارتهم من البَرص كما تأمر الشريعة أن الكاهن هو الذي يحكم بطهارته أو نجاسته (لاوين 13: 2- 8).
لقد آمن البُرص العشرة بكلمة الربّ يسوع ولم يعترضوا على الذهاب إلى الكهنة ليُروا أنفسهم أنهم قد طَهُروا حتى قبل أن ينالوا الشفاء والدليل على ذلك أنهم ” انطلقوا ” وفيما هم منطلقون طَهُروا. لقد فعل الإيمان المعجزة.
من بين هؤلاء البُرص العشرة واحداً فقط ” رجع يُمجِّد الله بصوت عظيم “. لقد كان هذا الشخص سامرياً يدعوه يسوع
” أجنبياً ” أي غريباً عن الجماعة اليهودية والدين اليهودي، ومع ذلك عاد وخرّ على وجهه عند قدميه شاكراً له. لقد أدرك هذا السامري أن يسوع ليس فقط معلِّماً أو صانع مُعجزات بل هو الربّ نفسه. إن الوصية الأولى من شريعة السامريين تنهاهم عن العبادة والسجود لغير الله. إن فِعْل السجود الذي قدَّمه هذا السامري إلى شخص المسيح هو اعتراف صريح وعلني بأن الله والربّ يسوع هما الشخص نفسه.
كان يُعتبر شفاء البَرَص مع شفاءات ومُعجزات أخرى من مزايا المسيّا المُنتظر وعلامة من علامات اقتراب ملكوت السموات، يذكر الإنجيلي لوقا في الإصحاح 7: 19 أن يوحنا المعمدان أرسل اثنان من تلاميذه إلى يسوع قائلاً: ” أنت هو الآتي (المسيّا) أم ننتظرُ آخر “. كان جواب يسوع لهما أن ” إذهبا واخبرا يوحنا أن العُمي يُبصرون والعُرج يَمشون والبُرص يَطهرون والصمّ يسمعون والموتى يقومون والمساكين يُبشرّرون “. لقد أدرك السامري أن هذا الذي يقف أمامه هو الربّ الشافي والمخلّص.
لقد آمن البُرص العشرة بكلمة الربّ يسوع فشُفيوا جميعهم ولكن واحداً منهم فقط عاد وشكر فنال الخلاص. ” قُم وامضي إيمانك قد خلّصك ” الإيمان قاد إلى شفاء الجسد أما الشكر والسجود فقادا إلى شفاء النفس وخلاصها.
لقد كان سؤال الربّ يسوع:” أليس العشرة قد طَهُروا فأين التسعة ؟ ألم يوجد من يَرجع ليُمجّد الله إلا هذا الأجنبي ؟ فيه شيء من العَتَب على التسعة الآخرين كونهم لم يأتوا ليشكروا من بعد ان نالوا طلبتهم. لم يكن لديهم أي إحساس بالشكر أو عرفان بالجميل، لقد كانوا ” ناكري جميل ” فنالوا الشفاء من دون أن ينالوا الخلاص.
كلنا مَرضَى ببَرَص الخطيئة، الخطيئة تجعلنا نجسين (غير أطهار) ولا نتجاسر أن نقترب من السيّد له المجد فنصرخ بصوتٍ عالٍ ” يا يسوع ارحمنا، كيرياليسون، يارب ارحم” وهو سوف يُبادر ويُطهّر نفوسنا من بَرَص الخطيئة ولكن من المهم أن نعود إليه لنشكره كما يقول الرسول بولس: ” شاكرين كل حين على كل شيء في اسم ربنا يسوع المسيح لله والآب. آمين” ( أفسس 5: 20)
في كثير من الأحيان نطلب من الربّ وعندما نحصل على سؤلنا ننسى أن نعود ونشكره فنكون ناكري جميل كهؤلاء البُرص التسعة. الربّ يسوع لا يحتاج إلى شُكرنا ولكن إن شكرناه نحن فهذا إقرار منا واعتراف بأنه هو أصل ومصدر كل خير وبركة وشفاء. يجب أن نشكر الله في كل حين إن حصلنا على ما نُريده في طلبتنا أو إن لم نحصل عليه لأن الله يعرف ما هو صالح لنا وما هو نافع لخلاصنا.
” اشكروا في كل شيء لأن هذه مشيئة الله في المسيح يسوع من جهتكم” ( 1 تسالونيكي 5: 18).
آميـــــن
المتروبوليت باسيليوس قدسيّة