الأحد الثاني بعد العنصرة

” دعوة التلاميذ الأوائل”

هذا الأحد هو الأحد الثاني بعد العنصرة (أي عيد حلول الروح القدس على التلاميذ).

المقطع الإنجيلي من (متى 4: 18- 23) ويتكلم عن دعوة التلاميذ الأوائل.

دعوة كل من سمعان بطرس وأخوه اندراوس ويعقوب بن زبدى وأخوه يوحنا.

الأحد الذي يلي العنصرة يُسمى ” بأحد جميع القديسين”. يتم تذكار جميع القديسين في الكنيسة الأرثوذكسية سواء أكانوا معروفين أي مُعلنين رسمياً أو غير معروفين أو لم تُعلن قداستهم بعد. نُعيّد لجميع القديسين من بعد أحد العنصرة اعترافاً منا أن ” الروح القدس ” هو من يَصنع القديسين. “الروح القدس ” هو الذي يَهب روح القداسة، هو الذي يُقدّس المؤمنين ويجعلهم ” قديسين”.

الأحد الثاني من بعد العنصرة يُظهر أيضاً لنا فعل الروح القدس وعمله في الكنيسة من خلال دعوة مُكرّسين ومُكرّسات للخدمة الرسولية.

الإنجيل اليوم يُظهر لنا بداية المسيحية، التي بدأت من مجموعة صغيرة. اثنا عشر تلميذاً مدعوين للخدمة كان معظمهم صيادين عاديمي المعرفة والعِلم والمركز الإجتماعي. كانوا صيادين يعيشون في أطراف بحيرة طبرية يمارسون الصيد.

ما يُثير الإنتباه أنه عندما دعى الربّ يسوع التلاميذ الأوائل، هؤلاء لم يكونوا بطالين، أي بلا عمل، بل كانوا في وسط عملهم. كانوا منشغلين بالكليّة بالصيد. “كانا يلقيان شبكة في البحر”. لقد دعاهما الربّ يسوع وكما يقول الإنجيل: ” للوقت تركا الشباك وتبعاه ” لم يترددا في ترك رزقهم ومعيشتهم ليتبعوا الربّ يسوع. لم يَعِدهم بأي غنى أو مركز أو وظيفة، قال لهم جملة واحدة ” هلمّ ورائي فأجعلكما صيادي الناس “. نفس السناريو يتكرر مع يوحنا ويعقوب ابنى زبدى، كانا يُصلحان شباكهما مع أبيهم. ” للوقت تركا السفينة، أباهما، وتبعاه “. كما يبدو أن التلاميذ لم يترددوا ولا للحظة في تلبية الدعوة ليصيروا مبشرين ” صيادي ناس “.

ما يُثير الإنتباه أيضاً أن الدعوة الأولى شملت أخواناً والثانية أيضاً أي أن شخصان قد تكرّسا من نفس العائلة الواحدة لخدمة السيّد.

هؤلاء الصيادين وغيرهم من التلاميذ أعطاهم السيّد وصية ” اذهبوا وتلمذوا جميع الأمم”.

ففي يوم العنصرة أعطاهم الروح القدس نعمة وحكمة وفهم وقوة ليست من هذا العالم، بل من فوق، من كنف الله. هذه القوة التي أعطتهم قوة البشارة، أعطت البعض أن يصلوا إلى روما وآخرون إلى أطارف الهند وأفريقيا ليُبشروا بالمسيح القائم من بين الأموات.

كل إنسان مسيحي مُعمّد، نال مسحة الميرون المقدس هو مدعو لخدمة الرب بحسب موهبته و قدرته وإمكانياته، بالتأكيد هناك دعوة للتكريس من خلال سرّ الكهنوت المقدس أو من خلال نذور الرهبنة ولكن الكلّ مدعو أن يكون تلميذاً للربّ يسوع، أن يأخذ دوره في البشارة. الكلّ مكرّس من يوم معموديته للربّ، ” أنتم الذين بالمسيح اعتمدتم المسيح قد لبستم”.

عندما نقول ” نعم ” للرب هذا يعني أنه ينبغي أن نقول “كلا” لأمور اهتمامات أخرى من هذا العالم.

نحن مدعوون أن نتخلى عن شباك هذا العالم التي تجعلنا مُقيّدين بأمور هذا العالم وتمنعنا عن أن نتبع المسيح. شباك هذا العالم كثيرة واهتماماته متعددة، لقد كان يعقوب وأخاه يوحنا ” يُصلحان الشباك ” ولكن لما ناداهم السيّد ” تركا كل شيء وتبعاه “.

في الكنيسة وعبر الأسرار المقدسة نعيش عنصرة دائمة “. الكل مدعو بحسب موهبته وقدرته أن يُلبي دعوة السيّد أن يصير صياداً للبشر، أن يصطادهم لمعرفة الإله الحقيقي وله ملكوته السماوي .

آميـــــــن

المتروبوليت باسيليوس قدسية