Available in English
March 26th, 2021 | By His Eminence, Metropolitan Basilios
[avatar user=”metropolitan” size=”50″ align=”right” link=”https://www.antiochian.org.au/author/metropolitan/” target=”_blank”][/avatar]
On the Healing of the Paralytic
Mark (2:1-12)
الأحد الثاني من الصوم الكبير وتذكار القديس غريغوريوس بالاماس
المقطع الإنجيلي يتحدث عن شفاء مخلّع كفرناحوم. من بعد دعوة الربّ يسوع لتلاميذه الأوائل على شواطئ بحر الجليل، دخل كفرناحوم وهناك أخرج الروح النجس من رجل في يوم سبت ودخل بيت بطرس وشفى حماة بطرس أيضاً (مرقس 1: 21- 30). كما شفى كثيرين كانوا مرضى بأمراض مختلفة وأخرَجَ شياطين كثيرة (1: 34).
تبدأ قراءة اليوم بأن يسوع ” دخل كفرناحوم أيضاً بعد أيام فسُمِعَ أنت في البيت “. لا يُذكر هنا بيت مَن كان ولكن يبدو أنه كان بيتاً معروفاً. على الأرجح هو بيت سمعان واندراوس والذي سبق يسوع وزاره عندما شفى حماة بطرس المريضة في (مرقس 1: 29).
وعندما سمِع الجمهور أن يسوع ” في البيت ” يقول: ” للوقت اجتمع كثيرون حتى أنه لم يَعُد موضِعٌ ولا ما حول الباب يسَع”. لقد التفَّت الجموع حول الربّ يسوع والتي قد شاهدت المُعجزات التي اجترحها في كفرناحوم أما هو” فكان يُخاطبهم بالكلمة”. لم يكتفِ يسوع بالمُعجزات بل كان يُبشرِّهم ” بالكلمة “، كلمة الله المُحيّية التي يقول عنها الرسول بولس: ” كلمة الله حيّة وفعّالة وأمضى من كل سيف ذي حدّين، وخارقة إلى مفرق النفس والروح والمفاصل والمخاخ ومميّزة أفكار القلب ونيَّاته (عبرانيين 4: 12). يستعمل مرقس الإنجيلي لفظة “الكلمة” ليُشير فيها إلى بشارة الإنجيل ( مثل الزارع – مرقس 14: 14).
وبينما هو يُبشّرهم بالكلمة ” أتوا إليه بمخلَّعٍ يحمله أربعة وإذ لم يقدروا أن يقتربوا إليه كشفوا السقف حيث كان”. لقد سمع هذا المخلّع وأصدقائه بوجود يسوع في البيت وظنوا أنه من السهل الوصول إليه فاصطدموا بجموع كثيرة تُعيق وصولهم إلى السيّد، هذا لم يمنعهم من تحقيق ما أتوا لأجله وصعِدوا وفتحوا السقف ودلوا السرير الذي كان المخلّع مضطجعاً عليه ووضعوه أمامه تماماً.
لم يسأل الربّ أو يسمع عن إيمانهم بالكلمات بل رآه بالعمل. لقد رأى بعينيه جهدهم وتعبهم للتغلب على العوائق من أجل إحضار هذا المريض أمام الربّ وفي حضرته.
لقد حدث أن شفى الربّ يسوع العديد من المرضى بسبب إيمان من تضرّع لأجلهم أو بسبب إيمان من أتت الطلبة على لسانه كحادثة شفاء عبد قائد المئة (متى 8: 5- 13) وشفاء ابنه يائيرس رئيس المجمع (مرقس 5: 22- 24) وغيرها.
لقد رأى الربّ يسوع إيمانهم وإيمان المخلّع أيضاً لأنه لم يكن سيسمح لهم بإحضاره إلى السيّد إلا إذا كان لديه إيمان بالشفاء.
لقد بادر يسوع أولاً وقال للمخلّع: ” يا بني مغفورة لك خطاياك”. أولاً غفر خطايا المريض ومن ثمّ يشفي المرضى كون معظم الأمراض تحدث في الغالب نتيجة الخطايا وهنا يعود موضوع ارتباط المريض بالخطيئة. يغفر للنفس خطيئتها جاعلاً إياها سليمة ونقية من مصدر مرضها وضعفها.
يأتي هذا المخلّع محمولاً بأربعة من أصدقائه أو أقربائه. العدد 4 مهم وله رمزيه في الكتاب المقدس فهو يرمز إلى الأنجيليين الأربعة الذين يُمثلون الكون بأقطاره الأربعة. هؤلاء يحملون هذا الرجل الكسيح ويحضرونه إلى حضرة الربّ يسوع ليشفيه ويغفر له خطاياه.
لقد اتّهم الكتبة الربّ يسوع بالتجديف قائلين: ” من يَقدِر أن يغفر الخطايا إلا الله وحده”. ولكن الربّ أعطاهم دليل آخر على أنه هو الله من خلال كشف ما في قلوبهم إذ يقول الكتاب أنهم كانوا يُفكرون في قلوبهم، فللوقت علم يسوع بروحه أنهم يُفكِّرون هذا في أنفسهم فقال لهم: ” لما تفكرون بهذا في قلوبكم”. الله وحده يعلم مكنونات القلوب كما يقول الكتاب ” لأنك أنت وحدك تعرِف قلوب بني البشر”(أخبار الأيام الثاني 6: 30) في (أشعياء 43: 25) و”هو وحده الذي يغفر الخطايا” (هوشع 14: 3). لقد كشف الربّ لهم أفكارهم العميقة ولكن الفريسيين ظلّوا بلا أي حسّ روحي، ولم يُقِرّوا بأن مَن يعرف قلوبهم ويشكف أفكارهم يُمكنه أن يغفر الخطايا أيضاً.
يسأل القديس إيرينيوس: ” كيف يُمكن أن تُغفَر الذنوب إلا إذا منح هذا الغفران من قد أخطأنا إليه”.
لقد شفى الربّ يسوع أولاً ما هو أصعب ألا وهو شفاء النفس من الخطيئة ومن ثُم أعطى شفاء الجسد الذي هو أسهل. لقد برهن على أنه بشفاء الأصعب يؤكد سهولة شفاء ما هو الأسهل أي شفاء الجسد ويثبته من خلال مغفرة الخطايا وشفاء النفس.
من بعد أن غفر يسوع الخطايا وشفى الجسد قال للمخلّع: ” لك أقول قم واحمل سريرك واذهب إلى بيتك فقام للوقت وحمل سريره وخرج أمام الجميع”. إن استعمال كلمة ” للوقت” مُميّزة عند مرقس الإنجيلي ليُظهر قوة وفعالية كلمة الله الذي يأمر فيُطاع ويَطلب فيتمّ الأمر. أمر يسوع بأن يحمل سريره حتى يُبرهن لهم على حقيقة المعجزة وأنها ليست مجرد وهم وحتى يُريهم أنه لم يشفي فقط المخلّع بل أعطاه قوة ليحمِل سريره، السرير الذي كان يحمِله لسنوات الآن أصبح هو محمولاً بواسطة المخلّع الذي شفاه يسوع. ما كان دليلاً على المرض أصبح الآن شهادة للشفاء. سرير الآلام أصبح علامة للشفاء وحمله هو دلالة على القوة التي نالها من الربّ يسوع من بعد الشفاء.
لقد سبّب هذا الحدث الدهشة في قلوب الحاضرين وكان سبباً لتمجيد الله. لقد كانت حادثة الشفاء هذه معجزة مزدوجة فلم تتمّ فقط على الجسد بل أيضاً على النفس، لم تغيِّر فقط ما هو منظور ولكن أيضاً ما هو غير منظور.
في هذا الأحد نقيم تذكار القديس غريغوريوس بالاماس رئيس أساقفة مدينة تسالونيك، لقد كان القديس بالاماس من الآباء المدافعين عن روحانية الكنيسة الأرثوذكسية الأصيلة وعن الطريقة الهدوئية.
لقد تكلم عن النور الإلهي، النور غير المخلوق الذي عاينه التلاميذ على جبل تابور كما علَّم عن دور النعمة الألهية الغير مخلوقة وأهمية الصلاة القلبية للإتحاد مع الله وبلوغ التأله الذي هو غاية حياتنا المسيحية فكل ما نُمارسه من صلوات وأصوام ونسك ما هي الا أدوات ووسائل لبلوغ هذه الغاية ألا وهي تألهنا بالنعمة الإلهية غير المخلوقة.
آميــــــــــن
+ المتروبوليت باسيليوس قدسية