الأحد السادس بعد العنصرة
هذا الأحد هو الأحد السادس بعد العنصرة القراءة الإنجيلية من إنجيل متى الإصحاح التاسع عدد 1 حتى 8. ويتكلم عن شفاء المخلّع الذي غفر الربّ يسوع أولاً خطاياه ثم أعطاه شفاء الجسد.
يبدأ الإنجيل بعودة الربّ يسوع إلى مدينة (كفرناحوم) التي كانت مركز خدمته البشارية. هناك كان مخلّع أحضره أصدقاؤه إلى الربّ ليشفيه. كانوا كلهم إيمان وثقة أن الربّ يسوع يستطيع أن يمنحه الشفاء. ولكن الربّ يسوع يعرف باطن الإنسان ومكنونات قلبه. لقد عرِف أن هذه الإنسان المخلّع بحاجة لشفاء النفس، أي مغفرة خطاياه، قبل شفاء جسده. يسوع ينظر إلى عمق النفس البشرية ويعرف مرضها وأهوائها ويمنحها الشفاء. الربّ يسوع يرى ويهتم بالإنسان الداخلي أكثر من الإنسان الخارجي. يقول المزمور أن الربّ هو ” فاحص القلوب والكلى”. في العهد القديم القلب هو مركز الأفكار والكلى هي مركز الشهوات. الربّ هو فاحص القلوب والكلى” أي هو يعرف كُنه الإنسان حتى ولو حاول هذا الأخير التخفي خلف أقنعَة مزيفة وعبادات خارجية كاذبة.
لقد اهتم الربّ يسوع بشفاء النفس قبل الجسد كون النفس خالدة أما الجسد ففاني. هذه التراتبية في منح الشفاء تكشف تفوّق النفس على الجسد من حيث الأهمية.
إن منح الربّ يسوع الشفاء للمخلّع يكشف أنه هو الرب العالم بكل شيء( (Omniscience الذي يقرأ القلوب والأفكار. هو الربّ لأنه لا أحد يستطيع أن يغفر الخطايا ” إلا الله وحده “.
هذا الفعل أثار حفيظة الكتَبَة، وهم فئة متعملة تدرس وتفسِّر الناموس (العهد القديم) ومع الفريسيين كان لهم مكانة اجتماعية ودينية مرموقة في المجتمع اليهودي. يمكن القول أنهم كانوا بمثابة ” اللاهوتيين ” والمحامين في عصرنا الحالي. هؤلاء استتروا خلف قناع التقوى والممارسات الخارجية وأهملوا نقاوة القلب وطهارة الفكر.
هؤلاء فكروا في قلوبهم أن يسوع يُجدِّف، ولكن يسوع عَلِمَ أفكارهم، وأجابهم: أن الأيسر والأسهل هو شفاء الجسد ولكن شفاء النفس يتطلب توبة وجهد ووقت، لقد عَلِم الربّ يسوع أن المرض الروحي هو أخطر وأصعب من المرض الجسدي. يقول القديس اسحق السوري: ” الإنسان التائب هو أعظم من الإنسان الذي يُقيم الموتى “.
لقد كان هذا المخلّع يعاني من الشلل الروحي. لقد كان مشلول روحياً بسبب خطاياه فأعطاه الرب يسوع الشفاء الروحي وصحة النفس التي هي أهم. هذا التعليم موجود في كنيستنا الأرثوذكسية، في الأربعاء العظيم، أربعاء الزيت، يُمسَح المؤمنون التائبون بالزيت المقدّس من أجل شفاء النفس والجسد ومغفرة الخطايا. كل الأسرار المقدسة نأخذها من أجل شفاء النفس ومن ثم صحة الجسد.
من بعد أن غُفرت خطايا المخلّع أعطاه الربّ يسوع الشفاء الكامل والصحة الجسدية حتى أنه حمل سريره ومضى إلى بيته.
يا ربّ اشفِ نفسي المخلّعة بالخطايا حتى أمجّد اسمك القدوس. آميـــن.
+ المتروبوليت باسيليوس قدسية